الرّجال ودورهم في دعم قضايا ونضالات النّساء في المجتمع : راما مطر – نوف المهيد – ألاء نوري

الرّجال ودورهم في دعم قضايا ونضالات النّساء في المجتمع : راما مطر – نوف المهيد – ألاء نوري

الرّجال ودورهم في دعم قضايا ونضالات النّساء في المجتمع : راما مطر – نوف المهيد – ألاء نوري

هنالك مئات المبادرات والحملات والأنشطة والبرامج التي نُفِّذت وتنفَّذ لدعم قضايا الفتيات والنّساء السّوريّات، والتي تركّز على تضمين النّساء فقط كمشاركاتٍ وشريكاتٍ فاعلاتٍ، لكن تبقى هذه الجهود غير مكتملةٍ بسبب غياب أو تغييب مشاركة وانخراط الرّجال في هذه الجهود، حيث يجب علينا اليوم التّفكير بجدّيّةٍ في تعزيز انخراط ومشاركة الرّجال في دعم قضايا ونضالات الفتيات والنّساء في سوريا لما له من دورٍ كبيرٍ في نشر الوعي وتخفيف معدّلات العنف ضدّ الفتيات والنّساء، وضمان حمايتهنّ ومشاركتهنّ في المستويات المحلّيّة والوطنيّة والدّوليّة.

كيف يمكن للرجال المساهمة في الحدّ من العنف ضدّ الفتيات والنّساء؟

إنّ تعنيف المرأة يعتبر ظاهرةً معقّدةً ومتأصّلةً في المجتمعات القائمة على العادات والتّقاليد، فيأخذ العنف ضدّ الفتيات والنّساء أشكالاً متعدّدةً، كالعنف اللّفظيّ، والعنف النّفسيّ، والعنف الجنسيّ، والعنف المنزليّ، إضافةً إلى التّحرّش وحرمان الفتيات والنّساء من التّعليم والعمل وتقرير المصير، فتعنيف المرأة يؤدّي إلى التّقليل من شأنها في المجتمع، واستمرار معاملتها ككائنٍ ناقصٍ، حيث يؤدّي العنف الممارس  ضدّ الفتيات والنّساء لمشاكل جسديّةٍ ونفسيّةٍ يمكن أن تصل إلى القتل أو الانتحار، ويمكن أن يؤدّي إلى حالاتٍ من الاكتئاب والشّعور بنقص المكانة الاجتماعيّة لدى الفتيات والنّساء، فتصبح المرأة المعنّفة سلبيّةً وغير قادرةٍ على ترك زوجها الّذي “يعتدي عليها” مثلاً، وتصاب بحالة خوفٍ و ذعرٍ شديدٍ بسبب غياب إجراءات الدّعم والحماية.

و للحدّ من العنف ضدّ الفتيات والنّساء نحتاج إلى عمليّةٍ متكاملةٍ تتأزر فيها القوانين التي تضمن الحدّ من العنف ضدّ الفتيات والنّساء، ومعاقبة منتهكي حقوق الفتيات والنّساء، إضافةً لتوفير برامج الحماية التي تدعم الفتيات والنّساء المتعرّضات للعنف، لكن تبقى هذه العمليّة ناقصةً دون تكافل جميع أفراد المجتمع؛ بما فيهم الرّجال من أجل تحقيق جهود الحدّ من العنف ضدّ الفتيات والنّساء، حيث يبرز هنا دورٌ هامٌّ ومؤثّرٌ للرجال  لدعم تحقّق هذه الجهود، فالعمل على  تعزيز وعي الرّجال حول قضايا وحقوق ونضالات النّساء، ودعم مشاركتهم وانخراطهم في دعم هذه القضايا وتشجيعهم للعب أدوارٍ فاعلةٍ في الحدّ من العنف ضدّ الفتيات والنّساء، وتعزيز مفهوم قيام العلاقة بين الرّجال والنّساء على أساس الاحترام والتّفاهم والتّكامل؛ يساهم لحدٍّ كبيرٍ في خفض معدّلات العنف ضدّ الفتيات والنّساء في المجتمع، لأنّ العنف في النّهاية ليس سوى آلة هدمٍ لطاقات الرّجل والمرأة، والعنف هو سحقٌ للمرأة، وبه فقد حكم على العالم بالتّعاسة؛ لأنّ سعادة المجتمع نابعةٌ من سلامة نسائه روحاً وفكراً، وكلما دُعمت المرأة من قبل الرّجل والمجتمع، كلما تحرّرت من ضغوطها، وكلما سار المجتمع نحو أهدافٍ سليمةٍ.

كيف يمكن المساهمة في تعزيز مشاركة النّساء في المستويات المحلّيّة والوطنيّة والدّوليّة؟

إنّ حرمان المرأة من المشاركة الفاعلة في المستويات المحلّيّة والوطنيّة والدّوليّة؛ ينطلق من تربية الأولاد على أنّهم يجب أن يكونوا أقوياء -لأنها أحد مقاييس الرّجولة-بينما تربية الإناث على أن يكنْ رقيقاتٍ، جميلاتٍ وضعيفاتٍ، وهذا يلعب دوراً هامّاً في تنشئة المجتمع وتشكيل شخصية الأنثى والذّكر في المجتمع، فيقوم التّكوين الذّهنيّ للجنسين على أساس تراثٍ ثقافيٍّ واجتماعيٍّ وتعليميٍّ وتقليديٍّ يسهم في تكوين صورةٍ مغايرةٍ عن المرأة، تحصرها في إطارٍ تقليديٍّ من الوظائف والأدوار والمكانة الاجتماعيّة، إضافةً إلى ممارسات التّمييز السّلبيّ ضدّ المرأة والإقصاء والتّهميش الّذي تتعرّض له الفتيات والنّساء من المجتمع، ومن بعض الآباء والأمهات والأبناء والأزواج والأخوة، كلّ هذه العوامل مجتمعةٌ  تساهم في حرمان أو الحدّ من مشاركة المرأة السّياسيّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة والثّقافيّة على المستويات المحلّيّة والوطنيّة والدّوليّة، وتكرّس الصّور النّمطيّة عن النّساء والأدوار التي يمكنهن القيام بها.

ومن أجل تحسين مستويات انخراط ومشاركة النّساء السّياسيّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة والثّقافيّة على المستويات المحلّيّة والوطنيّة والدّوليّة؛ نحتاج لمجموعةٍ من الإجراءات والقوانين والبرامج الّتي تعزّز مهارات ومعارف وقدرات النّساء، وتتيح لهنّ فرص المشاركة، إضافةً إلى العمل على توعية الرّجال حول أهمّيّة مشاركة المرأة في الحياة السّياسيّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة والثّقافيّة وأثره الإيجابيّ على الأسرة والمجتمع، وتشجيع الرّجال على دعم ومساندة النّساء ليتمكن من لعب أدوارٍ فاعلةٍ ومؤثّرةٍ في الحياة العامّة، لأنّه  دون وجود رجالٍ داعمين للنساء وأدوارهنّ الفاعلة في المجتمع؛  ستبقى معدّلات مشاركة وانخراط النّساء في الشّأن العامّ ضعيفةً ودون المأمول، وسينعكس هذا سلباً على تطوّر ونمو المجتمع.

 

راما مطر – نوف المهيد – ألاء نوري