التّحرّش والاستغلال والابتزاز للمرأة في مكان العمل – إسراء العلي

التّحرّش والاستغلال والابتزاز للمرأة في مكان العمل – إسراء العلي

التّحرّش والاستغلال والابتزاز للمرأة في مكان العمل – إسراء العلي

ولم تحظَ مشكلة النّساء السّوريّات المعيلات واللاجئات  في تركيا، بالاهتمام الّذي تستحقه، لذا فمن الأهمّيّة تسليط الضّوء ظاهرة التّحرّش والاستغلال في العمل ، والسّعي الفعليّ على مساعدة النّساء لدخول سوق العمل الآمن،  ومكافحة التّمييز ضدّ النّساء في الأجور، وحمايتهنّ من المخاطر والتّحرّش الجنسيّ، وذلك لتعزيز صمود النّساء السّوريّات، في مواجهة الأزمات، خصوصًا النّساء المحرومات من التّعليم وفرص التّأهيل والتّدريب، والسّعي لتحسين فرصهنّ للوصول إلى موارد مادّيّةٍ، تتيح  لهنّ حياةً لائقةً مع عائلاتهنّ، وهذه دعوة لمنظّمات المجتمع المدنيّ السّوريّة في تركيا، وكافّة المنظّمات والمؤسّسات والجمعيات  المعنيّة بالمرأة، كي تضع في أولويّاتها تشغيل النّساء المعيلات، وتدعم مشاريع القروض الصّغيرة، حيث تُشير الدّراسات إلى أنّها المدخل الاقتصاديّ لحماية النّساء المعيلات.

لنساء المنطقة العربيّة قِصصٌ كثيرةٌ يروينها للعالم أجمع حول موضوع التّحرّش بعد خوضهنّ نضالاً طويلاً دام لعقودٍ في مكافحة المشكلة، ولهذا يجب علينا مشاركة قصص هذه النّساء أكثر من أيّ شيءٍ آخر، لأنهنّ يستطعن تلقين العالم أجمع درساً في النّضال.

والتّحرّش في مكان العمل هذا ما ستناوله في هذا المقال

فرض النّزوح واللّجوء، وغياب المعيل على المرأة السّوريّة مجتمعاً بقوانين وعاداتٍ وواقعٍ جديدٍ مختلفٍ عمّا كانت تعيشه في بلدها، وتعرّضت لهزّةٍ قويّةٍ كانت لها تبعاتٌ اجتماعيّةٌ واقتصاديّةٌ ونفسيّةٌ وأخلاقيّةٌ، دفعت بعض النّساء للقبول العمل بأجرٍ ضعيفٍ وساعاتٍ طويلةٍ دون تأمينٍ، وقيامها بأعمالٍ أقلّ من قدراتها ولا تناسب تخصّصها أو رغبتها، وصولاً إلى تعرّضها للتحرّش والمضايقات أثناء العمل؛ ولا تستطيع التّكلّم خوفاً من عدم التّصديق وإلقاء اللّوم عليها من قبل الأهل والمجتمع.

دخلت المرأة السّوريّة في تركيا إلى سوق العمل، أو إنّ سوق العمل فرض نفسه عليها -إن أردنا الحديث بدقّةٍ-فقد أُجبرت الكثيرات من النّساء على العمل في محاولةٍ للتغلب على عبء ضغط الواقع الاقتصاديّ عليها وعلى أسرتها، فقامت بعددٍ من الأعمال الّتي كانت بعضهنّ حديثات عهدٍ بها.

اختلف وضع المرأة السّوريّة العاملة في تركيا بين مدينةٍ وأخرى، بحسب ما يتطلّبه سوق العمل، وما يُتيحه أيضاً من فرصٍ أمامها. واختلف أيضاً بحسب البيئة الاجتماعيّة والثّقافيّة الأصلية للمرأة اللاجئة القادمة من سورية. وبناءً على ذلك تأتي أهمّيّة البحث في واقع المرأة السّوريّة العاملة في تركيا، إذ يُتيح الوقوف على سوق العمل الّذي تتحرّك فيه، وعلى دورها في الاقتصاد المنزليّ، والمشكلات الّتي تواجهها على

المستوى الاجتماعيّ والثّقافيّ والاقتصاديّ.

رَوَتْ (م. و) وهي فتاةٌ سوريّةٌ معيلةٌ لوالدتها وأخوتها الصّغار، وتعمل في أحد المعامل في منطقة القتم، وبسبب حاجتها هذه يسمح المسؤول عنها لنفسه بتخطّي حدوده معها فيحاول لمسها ووضع يده عليها متى يَشاء. عبّرت الفتاة عن انزعاجها أكثر من مرّةٍ، لكنّه لا يشعر بأنّ هناك أيّ تصرّفٍ سيّءٍ في سلوكه، معتبراً أنّه يُسيطر عليها وعلى بقية العاملات في المعمل، وهي تعلم أنها إذا فَضَحت سلوكيّاته، سيطردها.

وتعرّضت (س. ع) اللاجئة السّوريّة في غازي عنتاب للتحرّش اللّفظيّ والابتزاز من قبل مسؤول التّوظيف مستغلٍّ حاجتها الماسّة للعمل، وطلب الكثير منها ما الّذي طلبه منها؟ ممّا اضطرّها لترك فرصة العمل، للحفاظ على نفسها وسمعتها وعدم السّماح باستغلال ضعفها الاقتصاديّ وجعله مدخلاً للتحرّش بها.

ولأنّ هناك الكثير من النّساء والفتيات اللّواتي يتعرّضن للتحرّش والاستغلال والابتزاز في بيئات العمل في بلاد اللّجوء، تطالب المنظّمات الدّوليّة والمحلّيّة  إيجاد تشريعاتٍ تكفل حقّ المرآة في عالم عملٍ خالٍ من العنف والاستغلال والتّحرّش،  وحسب المفوضيّة السّامية لحقوق الإنسان في الأمم المتّحدة  فإنّ العنف ضدّ المرأة في مكان العمل “يشكّل حاجزًا أساسيًّا واسع النّطاق يعيق تمتّعها الكامل بالحقوق والحرّيّات الأساسيّة، وأنّ “السّلوكيّات والممارسات التي تؤدّي إلى إلحاق النّساء والفتيات بضررٍ بدنيٍّ أو نفسيٍّ أو جنسيٍّ أو اقتصاديٍّ يؤذي صحتهنّ البدنيّة والعقليّة، ويقوّض احتمال دخولهنّ سوق العمل أو بقائهنّ فيه”، مؤكّدةً على أنّ الكثير من النّساء والفتيات “عالقاتٌ في حالة من انعدام الأمن الاقتصاديّ، وغير قادراتٍ على توليد دخلٍ أو على الحصول على حمايةٍ اجتماعيّةٍ”،

ما هو التّحرّش؟

التّحرّش بالمرأة هو أيّ فعلٍ أو قولٍ غير مرغوبٍ ينطوي على تهديدٍ بالعنف أو الإيذاء أو إيحاءاتٍ جنسيّةٍ أو إكراهٍ على فعلٍ ما، ويسبّب ضرراً جسديّاً أو نفسيّاً للسيّدة أو الفتاة المستهدفة.

أنواع التّحرّش بالمرأة؟

تتعرّض الإناث حول العالم لعدّة أنواعٍ من التّحرّش، أهمّها:

  1. 1. التّحرّش الجنسيّ: هو تقربٌ جنسيٌّ غير مرحبٍ به طلباً لخدمةٍ جنسيّةٍ أو سلوكٍ شفهيٍّ أو بدنيٍّ أو إيحاءاتٍ ذات طبيعةٍ جنسيّةٍ، أو الإرغام على مشاهدة محتوىً جنسيٍّ أو أعضاءٍ تناسليةٍ خاصّةٍ بشخصٍ آخر، أو أيّ تصرفٍ آخر ذي طبيعةٍ جنسيّةٍ يتمّ دون موافقة أحد الأطراف ويسبّب له إهانةً جسديّةً ونفسيّةً.
  2. التّحرّش العرقيّ (بسبب الأصل أو اللّون): وهو أيّ شكلٍ من أشكال التّمييز أو السّخرية، أو الإيذاء المباشر أو غير المباشر، بسبب لون البشرة أو الانتماء لأصولٍ عرقيّةٍ مختلفةٍ.
  3. 3. الملاحقة والتّتبّع غصباً: عبر تتبّع حركة فتاةٍ أو سيّدةٍ والتّواجد دون رغبتها في كلّ الأماكن الّتي تذهب إليها، أو مضايقتها أو مغازلتها دون موافقتها عن طريق مكالماتٍ هاتفيّةٍ أو رسائل إلكترونيّةٍ أو غيرها.
  4. 4. التّحرّش الإلكترونيّ: عبر إرسال رسائل إلكترونيّةٍ ذات طابعٍ جنسيٍّ أو تحتوي على محتوىً إباحيٍّ دون موافقة الطّرف الآخر، وكذلك الرّسائل التي تحتوي على تهديدٍ بالإيذاء الاجتماعيّ أو الجسديّ.
  5. 5. التّحرّش في مكان العمل: وهو يشمل التّحرّش، والابتزاز الجنسيّ من الرّؤساء في العمل، حجب التّرقيات وربطها بأفعالٍ جنسيّةٍ أو التّمييز في العمل بسبب الجنس أو اللّون أو العرق، أو الإرغام على العمل تحت تهديد العنف البدنيّ أو الابتزاز النّفسيّ.

والجدير بالقول توقّفوا عن إطلاق الأحكام وأصغوا، فالمرأة تستحق أن نُصغي لها، بغضّ النّظر عن الوقت والظّروف التي تختاره للتكلّم. فهي لا تريد أكثر من بيئة عملٍ آمنةٍ تخلو من العنف والاستغلال والتّحرّش.

إسراء العلي